بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف خلق الله تعالى سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم
اما بعد
تَعُد فلسفة الزى النسائى فى الاسلام فلسفة شديدة التميز والرُقى . فمسألة الزى هى أبرز مطلب شرعى يطالب الاسلام المرأة بإلتزامة , لستر مفاتنها وإبرازها فى مظهر يُحمل على الاحترام ويوحى بالوقار والطهر , وهذا مطلب من الأهمية بحيث لا يمكن الجدل بشأنه , غير أنه ليس المطلب الوحيد الذى يطالب الإسلام به المرأة ......
فالدعوة للتمسك بالزرى الاسلامى ليست دعوة شكلية ظاهرية , والاسلام لا يرى فى لباس المرأة الشرعى ((غلافاُ )) خارجياً للجسد .. مجردا عن اى قيمة أخلاقية أو إنسانية .. بل يجعل منه (( كساء )) و (( سِتراً)) للجسد يمثل مجموع القيم والمبادئ اتى تحملها ثقافة الاسلام .. ويرمز إلى اهتداء الإنسان بهدى القيم فى سلوكة ..ويأتى الأمر الإلهى بستر جسد المرأة ضمن اهتمام الإسلام بالبعد الروحى وسعية إلى تاسيس علاقة منطقية بين القيمة الروحية الحقيقة (( البيولوجية )) فى تكوين المرأة - علاقة تشيد بـ (( إنسانية)) المرأة .. وتفتح أمامها جميع الابواب ..
لكنها تتريث كثيراً أمام أنوثة المرأة وتنظم لها قنوات المرور .. لأن الإسلام لا يريد أن تتحول المرأة من إنسان الى مجرد ((أنثى)) تثير الرجل ... فأبعد ما يريده الإسلام أن تختزل قيمة المرأة فى جسدها . ويعتقد البعض بأن على المرأة فى الإسلام أن ترتدى الزى الإسلامى لكونها رذيله أو بقعة سوداء ينبغى إخفاؤها , لسد المنافذ التى تطل وتهبُ منها فتنة المرأة .. وهو أعتقاد بئيس يلقى بظلاله الخانقة على مفهوم الستر الشرعى .. ويجعل منه إهانة عظيمة للمرأة والرجل معاَ .ز بينما يرفض الإسلام المستنير تلك الرؤية التى لا ترى المرأة إلا (( قنبلة جنسية)) يتوجب الحذر منها , والتحوط فى التعامل معها , ويعامل المرأة على أعتبار إنسانيتها وفاعليتها فى المجتمع لا من زاوية كونها امراة وحسب ..!! ومن الجهة الاخرى لا يرى البعض فى إرتداء النساء للزى الشرعى أية قيمة أخلاقية ويعدونه ارتداداً ورجعية .. كونه لا يتناسب مع الواقع ويتعارض مع حرية المرأة ومساواتها بالرجل ..
والبعض يترفق قليلاَ ويرى أنه مجرد موروث اجتماعى وثقافى .. لا يختلف عن (( السارى )) زى المرأة الهندية الذى لا يعبر عن قناعة دينية أو أخلاقية لديها .وحيث ترتديه النساء فى الهند مع اختلاف عقائدهن والطوائف التى ينتمين اليها ..من الهندوسية أو البوذية أو طائفة السيخ .
ومن جهه ثالثه يدافع البعض عن وجوب ارتداء الستر الشرعة وحتمية إلزام النساء به .. دون أن يبدوا اى مبرر لتلك الضرورة سوى كونه أمراً إلهياً ويرون أن قيمتة فى كونه من قِبَل الالتزام بطاعة الله فقط ..
ولا يجدون ضرورة عقلية او إيمانية تدعوهم للبحث وراء قيمة أو معنى هذا الالتزام .. وهى رؤيه إيمانية نقدرها وننحنى أمام قدسيتها .. غير انها رؤيه ذاتية لا يتعدى مفعولها حدود المؤمنين بها ..ولا تتمتع بالكفاءة اللازمة لإقناع الآخرين .. وينبغى أن تتزود بالقدرة على تلبية احتيجات العقل وليس النفس الايمانية فحسب..
حقاً أنها لحقيقة مُحزنة ان تضيع القيمة العظيمة لزى المراة الإسلامى بين التأويل المغلوط والمحدود للمؤيدين لتَسَتر المرأة ..
وبين الاستهجان الكامل للمنتفعين من تَكشف المراة ..الذين يعدون أى منفعة لستر المرأة (( منفعة زائفة)) لا قيمة لها الا فى رؤوس المؤمنين بها .. غير أن المفارقة تُكمِن فى أن هذه القيمة المُساء فهمها عند المؤمنين بوجودها , والمعدومة عن المنكرين لها .. تبرز بوضوح إذا تأملنا بأسلوب معاصر وعقل حديث , القيمة السيكولوجية (( النفسية)) والاجتماعية .. الابعاد الانسانية والروحية الجمالية والانوثية وغير ذلك من قيم ومعان غابت عن الرصد.. ويمثل إقناع المرأة المسلمة بتلك الرؤية المستنيرة الخطوة الأولى التى يجب أن نخوضها بجرأة وثقة حتى تكسب المرأة المسلمة (( مناعة )) ضد همسات وهمهمات المعرضين وتعود إلى أصالتها إعتزازها بعفافها وكرامتها الإنسانية .. وتبقى مع ذلك مزهو كل الزهو لكونها الأنثى الأكثر روعة وبهاء!!