تعتبر أسبانيا إحدى أبرز الدول السياحية المعروفة عالمياً،
ويكاد عدد زوارها يقارب ضعفي عدد سكانها البالغ نحو أربعين مليوناً، وتشكل السياحة صــناعة حقـيقية تدر على البلاد دخلاً هائلاً من العملات الأجنبية، مشكلاً مصــدراً رئيســاً في موازنتها العـامة، ومتقدماً على دخلها من الأنشـطة الاقتــصادية الأخرى كالزراعة والصــناعة والتجارة، على رغم تفوق أسبانيا في هذه المجــالات على كثير من الدول الأعــضاء في الاتحاد الأوروبي، لا سيما في مجال إنتاج الخضر والفاكهة وتصديرها.
سياحة الشمس والبحر
وتشير الإحصاءات الرسمية إلي أن جزءاً كبيراً من زوار أسبانيا يتألف من زوار سياحة الشمس والبحر، وهو نمط السياحة التي تعتمد عليها فنادقها ومنشآتها السياحية الممتدة على امتداد شواطئها المطلة على البحر الأبيض المتوسط من الشرق والجنوب، وشواطئ المحيط الأطلسي في الغرب والشمال الغربي من شبه الجزيرة الأيبيرية.
لكن الأرقام تؤكد أيضاً أن السياحة الثقافية التي تعتمد على زيارة المعالم التاريخية والتي تمثل معالم الحضارة الإسلامية الأندلسية جزءاً مهماً منها تملك أهمية خاصة.
قصور الحمراء
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]تعتبر قصور الحمراء في مدينة غرناطة المعلم السياحي الأول من حيث عدد الزوار، إذ يزورها ما يزيد علي 2.2 مليون سائح سنوياً. ودفع هذا الاكتشاف خبراء الحفاظ على الآثار إلى مطالبة الجهات المسؤولة بوضع سقف يومي لا يمكن تجاوزه لعدد الزوار الذين يمكن السماح لهم بزيارة هذا الصرح التاريخي المهم حتى لا يتسبب التلوث الذي يولده السياح في الاضرار بهذا الأثر المهم، ويتسبب في إصابته، أو إصابة أجزاء منه بأضرار جسيمة، وهو ما حدث بالفعل في نافورة الأسود التي تم رفع أحد أسودها من مكانه لإخضاعه لعملية ترميم شاملة.
وقال المسؤولون إنهم ينوون إعادته إلى مكانه والبدء في ترميم باقي الأسود على التوالي.
وتعتبر مجموعة قصور الحمراء التي تقع على هضبة السبيكة المطلة على مدينة غرناطة من الأعاجيب الهندسية التي تجذب السائح بجمال تكوينها وبهاء الزخارف والنقوش التي تزين جدرانها وأبوابها وشبابيكها. وتتكون هذه المجموعة الملكية من مجموعة من القصور والقاعات والحدائق التي تم بناؤها في القرن الرابع عشر الميلادي في عهد ثلاثة من ملوك بني نصر هم: إسماعيل الأول ويوسف الأول ومحمد الخامس.
وتمثل مجموعة القصور هذه نظاماً فريداً في نظام الحراسة الذي يحميها، ما جعلها قلعة حصينة بوسعها العيش بمعزل عن المناطق المحيطة بها، وربما لهذا السبب ظلت تقاوم الجيوش المسيحية بقيادة الملكة الكاثوليكية ايزابيل، إلى أن قرر الملك أبو عبدالله الصغير تسليمها في الثاني من كانون الثاني (يناير) عام 1492م.
متحف الفنون
ويأتي متحف البرادو للفنون في مدريد في المركز الثاني من ناحية الزوار، بفارق كبير بالطبع عن عدد زوار قصور الحمراء، إذ يبلغ عدد زوار هذا المتحف1.8 مليون زائر سنوياً.
ويقع المتحف في قلب العاصمة الاسبانية، ويضم عدداً ضخماً من اللوحات الفنية التي تكاد تغطي عصور الفن في أوروبا، منها مجموعات تمثل فترات الفن الفلامنكي والإيطالي والأسباني، بل أن مخازن المتحف تضم آلاف اللوحات التي تقبع في الظلام نظراً إلى عدم وجود مساحات كافية، على رغم ضخامة صالات العرض. لكن أهم تلك المجموعات المعروضة في شكل شبه دائم يعود إلى فنانين أسبان كبار مثل غويا وفيلاثكيث.
وينظم متحف البرادو على فترات متعددة من السنة معارض متخصصة لعرض لوحات نادرة لبعض الفنانين، أو احتفالاً بمناسبة فنية معينة.
أما متحف الملكة صوفيا للفن الحديث في مدريد، فهو حديث العهد، ويقع على بعد دقائق معدودة من متحف البرادو، ويمكن زيارته من خلال بطاقة دخول مشتركة بين المتحفين صدرت توفيراً للنفقات على السياح. ويضم هذا المتحف أهم لوحات فناني أسبانيا المعاصرين ممن عاشوا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر والقرن العشرين، وربما كانت لوحة غرنيكا الشهيرة التي أبدعها الفنان بيكاسو عن بشاعة الحرب الأهلية الأسبانية من أهم معروضات هذا المتحف.
وتأتي كاتدرائية العائلة المقدسة التي أبدعها الفنان المعماري العبقري غاودي في مدينة برشلونة في المرتبة التالية لمتحف الملكة صوفيا ويزورها سنوياً ما يقارب من المليون ونصف المليون سائح، وتم البدء في إنشاء هذه الكاتدرائية الفريدة في تشكيلها الخارجي والداخلي عام 1928، ولم يتم حتى الآن الانتهاء بعد من وضع اللمسات الأخيرة عليها.
أما مبنى لا بيدريرا،
الأثر المعماري الآخر الذي أبدعه غاودي في نهايات القرن التاسع عشر في مدينة برشلونة أيضاً، فيزوره سنوياً ما يقارب المليون ونصف المليون سائح. ويتميز مبنى لا بيدريرا بشكله الغريب الذي تغطيه البروزات والمنحنيات على جميع الجدران، بل وسلالمه الداخلية التي تشبه كهوف الجبال في مناطق الأناضول، وكلها من تصميم الفنان الأسباني الذي اتهمه البعض بالجنون، إلا أنه ترك ميراثاً فنياً يتفوق علي الكثير من الآثار القديمة من حيث الأهمية. وتحولت مدينة برشلونة بفضل أعماله إلى متحف مفتوح في الهواء الطلق
العهد الإسلامي بالأندلس
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ويقوم نحو مليون ونصف المليون سائح سنوياً بزيارة القصور الملكية والكاتدرائية في مدينة إشبيلية،
وربما كانت الخيرالدا الشهيرة أهم معلم من معالم هذه المدينة التي تجذب إليها الأنظار.
وكانت هذه مئذنة بنيت في العهد الإسلامي في الأندلس، وتعتبر أقرب إلى الأعاجيب الهندسية منها إلى مئذنة، إذ كانت تستخدم للدعوة إلى الصلاة، وكانت تعتبر حتى وقت قريب أعلى مبنى في العالم، وتم بناؤها عام 712 ميلادية، ومصممها عربي عاش في المدينة، يذكر التاريخ أن اسمه جعفر، ويذكر آخرون أن اسمه بن يعقوب يوسف، ويقال إن من أشرف على البناء هو شاعر يدعى أبو بكر، لذلك فإن البناء أقرب إلى القصيدة منه إلى بناء من الطوب.
يصل ارتفاع الخيرالدا إلى نحو 250 قدماً (93 متراً)، وليس لها سلم، بل يدور حولها طريق منحدر صاعد، يقال إن المؤذن كان يصعد إلى قمتها علي صهوة جواد، وكان مبناها القديم ينتهي بأربع كرات تشير إلى أركان الأرض الأربعة، أضاف إليها المهندس الأسباني الكاثوليكي هيرنان رويث عام 1568 أربعة تماثيل من عصر النهضة، وأضاف على قمتها قطعة متحركة تدور مع اتجاه الريح، ويقال إن اسمها الخيرالدا أي الدوارة - في اللغة الاسبانية - جاء من دوران تلك القطعة.
وإلي جوار المئذنة صحن المسجد الذي أصبح يلتصق بالكاتدرائية التي بناها الملوك الكاثوليك لاستغلال المئذنة كقطعة فنية في إطار ذلك المبنى، وتعتبر تلك الكاتدرائية من أضخم ما أقيم في أسبانيا منذ سقوط الأندلس وبداية العهد المسيحي.
ويأتي مسجد قرطبة الجامع في المركز الثامن،
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وعدد زواره لا يقل عن المليون ونصف المليون سنوياً، ومن بعده يجذب متحف بيكاسو في برشلونة عدداً مماثلاً من السياح الأجانب، وكذلك متحف غوبنهايم الفني الحديث في مدينة بلباو الواقعة في بلاد الباسك، والذي يعتبر أحدث متحف فني يقام في أسبانيا.
وتحياتي للجميع